ابن الشافعي قال: مات أبي وهو ابن ثمان وخمسين سنة. قال الشافعي: لقيني مسلم بن خالد الزنجي فقال لي: يا فتى من أين أنت؟ قلت: من أهل مكة، قال: أين منزلك بها؟ قلت: شعب الخيف، قال: من أي قبيلة أنت؟ قلت: من ولد عبد مناف، قال: بخ بخ لقد شرفك الله في الدنيا والآخرة. وقال: قدمت على مالك وقد حفظت الموطأ، فقال لي: أحضر من يقرأ لك، فقلت: أنا قارئ، فقرأت عليه الموطأ حفظاً، فقال: إن يك أحد يفلح فهذا الغلام. وكان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعي فقال: سلوا هذا الغلام (?) . قال الحميدي: سمعت زنجي بن خالد - يعني مسلماً - يقول للشافعي: أفت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي، وهو ابن خمس عشرة سنة. قال أحمد: ما عرفت ناسخ الحديث ومنسوخه حتى جالست أبا عبد الله الشافعي. وقال إسحاق بن راهويه: ما تكلم أحد - وذكر الثوري والأوزاعي ومالكاً وأبا حنيفة - إلا والشافعي أكثر اتباعاً وأقل حظاً (?) منه. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما رأيت رجلاً قط أكمل من الشافعي.
وقال أبو عبيد ابن حربويه: سمعت الحسن بن علي القراطيسي يقول: كنت عند أبي ثور فجاءه رجل فقال له: أصلحك الله، فلان سمعته يقول قولاً عظيماً؛ سمعته يقول الشافعي أفقه من الثوري، قال: أنت سمعته يقول ذاك؟ قال: نعم، ثم قام الرجل فقال أبو ثور: يستنكر (?) أن يقال الشافعي أفقه من الثوري! هو عندي أفقه من الثوري ومن (?) النخعي.
وقال أبو حسان الزيادي: ما رأيت محمد بن الحسن يعظم أحداً من أهل