ولم يكن لأبي إسحاق موقف معين في هذا الحادث الأخير، خصوصاً وانه فارق بغداد في ذي الحجة من العام نفسه موفداً من الخليفة المقتدي في سفارة إلى السلطان وملكشاه ووزيره نظام الملك (?) ، وكان الخليفة يعلم أن لأبي إسحاق منزلة خاصة في نفس نظام الملك وانه قادر على إنجاح غايته - من ثم - لدى السلطان نفسه. ويبدو أن السفارة كانت ترمي إلى تحقيق غرضين: أولهما الشكوى والتظلم من العميد أبي الفتح بن أبي الليث عميد العراق، والثاني: استمالة ملكشاه للموافقة على أن يزوج ابنته من الخليفة.
وكان في صحبة الشيخ أبي إسحاق جماعة من أعيان بغداد منهم فخر الإسلام الشاشي والحسين بن علي الطبري وابن بيان والميانجي وأبو ثعلب الواسطي وعبد الملك الشابر خواشي وأبو الحسن الآمدي وأبو القاسم الزنجاني وأبو علي الفارقي وأبو العباس ابن الرطبي، وهؤلاء وغيرهم من أصحابه ومعه أيضاً جمال الدولة عفيف وهو خادم من خدام الخليفة؛ وتلقى الناس أبا إسحاق في كل بلد حله بحفاوة لا نظير لها، ويبدو أن صيته لم يكن مقصوراً على مكانته الفقيه بل كان للناس فيه اعتقاد عظيم متصل ببركة الصوفي، فكان بعض الناس في البلاد التي مر بها يخرجون إليه بنسائهم وأولادهم فيمسحون أردانه ويأخذون تراب نعليه ويستشفون به، وفي بعض تلك البلاد خرج إليه صوفيات البلد، وما فيهن إلا من معها سبحة، وألقين الجميع المحفة وكان قصدهن أن يلمسها لتحصل لهن البركة، فجعل يمرها على يديه وجسده ويتبرك بهن ويقصد في حقهن ما قصدن في حقه. ولما وصل ساوة خرج جميع أهلها للقائه وسأله فقهاؤها كل منهم أن يدخل بيته فلم يفعل، ولقيه أصحاب الصناعات ومعهم ما ينثرونه على محفته، فخرج الخبازون ينثرون الخبز وهو ينهاهم فلم ينتهوا، وهكذا فعل أصحاب الحلوى وباعة