شَاب ودرس وَأفْتى وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل وتدريس الشيخونية والمنصورية ثمَّ ولي قَضَاء الْقَاهِرَة اسْتِقْلَالا أَربع مَرَّات نَحْو خمس سِنِين فِي مُدَّة إِحْدَى عشرَة سنة وَنصف قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وَكتب شَيْئا على جَامع المختصرات وَخرج أَحَادِيث المصابيح وَتكلم على مَوَاضِع مِنْهُ وَحدث وَحَضَرت بعض المجالسين عَلَيْهِ وَكَانَ كثير التودد إِلَى النَّاس مهابا شهما مُعظما عِنْد الْخَاص وَالْعَام لَهُ صُورَة كَبِيرَة وحشمة بَالِغَة وَكلمَة نَافِذَة ويسار ظَاهر وَكَانَ مُنْذُ نَشأ يسْلك طَرِيق برهَان الدَّين ابْن جمَاعَة فِي التعاظم ثمَّ الان جَانِبه بعد الِاسْتِقْلَال وَكَانَت لَهُ عناية بتحصيل الْكتب النفيسة فَحصل مِنْهَا شَيْئا كثيرا عرفت بعده وَكَانَ يهاب الْملك الظَّاهِر فَلَمَّا مَاتَ أَمن على نَفسه وَتحقّق أَنهم لَا يقدمُونَ على عَزله لما تقرر لَهُ فِي الْقُلُوب من المهابة فسافر مَعَ الْعَسْكَر إِلَى قتال تنم فازدادت حرمته وَعظم فَوق مَا فِي نَفسه ثمَّ سَافر مَعَهم إِلَى قتال اللنك فانعكس الْأَمر وَأسر وأهين جدا وسافروا بِهِ وَهُوَ فِي قيد فغرق فِي نهر الزاب فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة بعد أَن قاسى أهوالا وَمن الْعَجَائِب أَنه كَانَ يهاب ركُوب الْبَحْر فَكَانَ لَا يتَوَجَّه إِلَى منزلهم بالروضة بِجَانِب المقياس أَيَّام زِيَادَة النّيل خشيَة من ركُوب الْبَحْر فاتفق أَنه لم يمت إِلَّا غريقا رَحمَه الله تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015