وَقيل إِنَّهُم وجدوا فِي خزانَة من خزائنه عشرَة آلَاف ألف دِينَار وَألف حمل من الأطلس
وَهَذَا الَّذِي جرى لهَؤُلَاء التتار لعنهم اللَّه مَا جرى لأحد مُنْذُ قَامَت الدُّنْيَا فَإِن قوما خَرجُوا من أَطْرَاف الصين فقصدوا بِلَاد تركستان مثل كاشغر وبلاد ساغون ثمَّ مِنْهَا إِلَى مَا وَرَاء النَّهر مثل سَمَرْقَنْد وبخارى وَغَيرهمَا فيملكونها ويفعلون مَا شرحنا بعضه ثمَّ تعبر طَائِفَة مِنْهُم إِلَى خُرَاسَان فيفرغون مِنْهَا قتلا وسبيا وتخريبا كَمَا فعلوا فِيمَا وَرَاءَهَا ثمَّ يجاوزونها إِلَى الرّيّ وهمذان وبلاد الْجَبَل إِلَى حد الْعرَاق ثمَّ يقصدون بِلَاد أذربيجان وأران ثمَّ يملكُونَ بِلَاد دربند شرْوَان ثمَّ بِلَاد اللان وبلاد البلغار ثمَّ بِلَاد القفجاق وهم من أَكثر التّرْك عددا فيملكون عَلَيْهِم ويوسعونهم قتلا وأسرا وتسير طَائِفَة أُخْرَى إِلَى غزنة وأعمالها وَمَا يجاوزها من بِلَاد الْهِنْد وسجستان وكرمان وأفعالهم متحدة فِي الظُّلم وكل هَذَا فِي سنة أَو أَزِيد بِقَلِيل يملكُونَ أَكثر الْمَعْمُور فِي الأَرْض وَأحسنه وأعمره وَمَا لم يملكوه فأهله فِي انتظارهم وَالْخَوْف الْعَظِيم مِنْهُم
هَذَا مَا لم يسمع بِمثلِهِ فَإِن إسكندر الَّذِي ملك الدُّنْيَا لم يملكهَا فِي سنة إِنَّمَا ملكهَا فِي عشر سِنِين وَلم يقتل أحدا بل رَضِي من النَّاس بِالطَّاعَةِ وَهَؤُلَاء بِخِلَاف ذَلِك وَكَانَ السَّبَب فِي هَذَا كُله سُلْطَان الْإِسْلَام عَلَاء الدّين خوارزمشاه وظنه بِنَفسِهِ وَجُنُوده فِي الأول
وَلَقَد سَارُوا إِلَى مازيندران وقلاعها من أمنع القلاع بِحَيْثُ إِن الْمُسلمين لم يفتحوها إِلَّا فِي سنة تسعين فِي أَيَّام سُلَيْمَان بْن عَبْد الْملك فَفَتحهَا هَؤُلَاءِ فِي أيسر مُدَّة ونهبوا مافيها وَقتلُوا أهاليها وَسبوا وأحرقوا ثمَّ رحلوا عَنْهَا نَحْو الرّيّ فَرَأَوْا فِي الطَّرِيق أم السُّلْطَان خوارزمشاه وَكَانَت قد سَمِعت بهزيمة ابْنهَا وَهِي فِي خوارزم وخوارزم دَار ممكتهم الْعُظْمَى