وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس والأقطع هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ كَافِرًا عاتيا شَدِيد الْعَدَاوَة للْمُسلمين قد أثر على أهل الثغور والح على أهل خوارزم بِالسَّبْيِ وَالْقَتْل والغارات وَكَانَت وُلَاة خُرَاسَان يتألفونه وأنسابه من عُظَمَاء الْأَعَاجِم ليكفوا غارتهم عَن الرّعية ويحقنوا دِمَاء الْمُسلمين فيبعثون إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم بأموال وألطاف كَثِيرَة وأنواع من فاخر الثِّيَاب وَأَن هَذَا الْكَافِر انساب فِي بعض السنين على السُّلْطَان وَلَا أَدْرِي لم ذَاك أستبطأ المبار عَن وَقتهَا أم اسْتَقل مَا بعث إِلَيْهِ فِي جنب مَا بعث إِلَى نظرائه من مُلُوك الجريجية والثغرغدية
فَأقبل فِي جُنُوده وتورد الثغر واستعرض الطّرق فعاث وأفسد وَقتل وَمثل فعجزت عَنهُ خُيُول خوارزم وَبلغ خَبره أَبَا الْعَبَّاس عبد الله بن طَاهِر رَحمَه الله فأنهض إِلَيْهِم أَرْبَعَة من القواد طَاهِر بن إِبْرَاهِيم بن مدرك وَيَعْقُوب بن مَنْصُور بن طَلْحَة وميكال مولى طَاهِر وَهَارُون القباض وشحن الْبَلَد بالعساكر والأسلحة ورتبهم فِي أَربَاع الْبَلَد كل فِي ربع فحموا الْحَرِيم بِإِذن الله تَعَالَى
ثمَّ إِن وَادي جيحون وَهُوَ الَّذِي فِي نهر بَلخ جمد لما اشْتَدَّ الْبرد وَهُوَ وَاد عَظِيم شَدِيد الطغيان كثير الْآفَات وَإِذا امْتَدَّ كَانَ عرضه نَحوا من فَرسَخ وَإِذا جمد انطبق فَلم يُوصل مِنْهُ إِلَى شَيْء حَتَّى يحْفر فِيهِ كَمَا تحفر الْآبَار فِي الصخور وَقد رَأَيْت كثيف الجمد عشرَة أشبار وأخبرت أَنه كَانَ فِيمَا مضى يزِيد على عشْرين شبْرًا وَإِذا هُوَ انطبق صَار الجمد جِسْرًا لأهل الْبَلَد تسير عَلَيْهِ العساكر والعجل والقوافل فينطم مَا بَين الشاطئين وَرُبمَا دَامَ الجمد مائَة وَعشْرين يَوْمًا وَإِذا قل الْبرد فِي عَام بَقِي سبعين يَوْمًا إِلَى نَحْو ثَلَاثَة أشهر