مَا أَحْسَنَ قَوْلَ الإِمَامِ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الأَمَالِي وَقَدْ أَوْرَدَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ هَذِهِ الْفَوْقِيَّةُ فوقية العظمة والاستغناء فِي مُقَابلَة صفة الموسومين بِصفة الْعَجْزِ وَالْفَنَاءِ

قُلْتُ وَلَمْ يُخَرَّجْ هَذَا الأَثَرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ

وَقد اتّفق نَظِير هَذِهِ الْحِكَايَة فَإِن الْمَدَائِنِي ذكر أَن طَائِفًا من أهل خُرَاسَان لَقِي سَكرَان بِالْكُوفَةِ فَأَخذه وَقَالَ أَنْت سَكرَان فَأنْكر فَقَالَ اقْرَأ حَتَّى أسمع فَقَالَ

(ذكر الْقلب الربابا ... بعد مَا شابت وشابا)

(إِن دين الْحبّ فرض ... لَا ترى فِيهِ ارتيابا)

فَخَلَّاهُ وَقَالَ قاتلكم اللَّه مَا أقرأكم لِلْقُرْآنِ صحاة وسكارى

وَاعْلَمْ أَنَّ الأَثَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ رُوِيَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَبِشِعْرٍ آخَرَ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ مُضْطَجِعًا إِلَى جَنْبِ امْرَأَتِهِ فَقَامَ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَفَزِعَتِ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَجِدْهُ فِي مَضْجَعِهِ فَقَامَتْ فَخَرَجَتْ فَرَأَتْهُ عَلَى جَارِيَتِهِ فَرَجَعَتْ إِلَى الْبَيْتِ فَأَخَذَتِ الشَّفْرَةَ ثُمَّ خَرَجَتْ وَفَرَغَ فَقَامَ فَلَقِيَهَا تَحْمِلُ الشَّفْرَةَ فَقَالَ مَهْيَمْ قَالَتْ لَوْ أَدْرَكْتُكَ حَيْثُ رَأَيْتُكَ لَوَجَأْتُ بَيْنَ كَتِفَيْكَ بِهَذِهِ الشَّفْرَةِ قَالَ وَأَيْنَ رَأَيْتِينِي قَالَتْ رَأَيْتُك على الْجَارِيَة قَالَ مَا رَأَيْتنِي وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُنَا الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ قَالَتْ فَاقْرَأْ فَقَالَ

(أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... كَمَا لاحَ مَشْهُودٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ)

(أَتَى بِالْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ)

(يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ)

فَقَالَتْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ الْبَصَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015