ينفث إِذا خطّ بأقلامه عقد السحر وينظم من مَعَاني كَلَامه عُقُود الدّرّ متصرفا فِي الْفُنُون بِمَا يَشَاء كَيفَ يَشَاء مُطيعًا لَهُ على البديهة الْإِنْشَاء ثمَّ برع فِي الْفِقْه مستدرا أخلافه من أَبِيه بَالغا فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف أقْصَى مراميه وَزَاد على أقرانه وَأهل عصره بالتبحر فِي علم الحَدِيث وَمَعْرِفَة الرِّجَال والأسانيد وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْجرْح وَالتَّعْدِيل والتحريف والتبديل وَضبط الْمُتُون والمشكلات من الْمعَانِي مَعَ الْإِحَاطَة بالتواريخ والأنساب
وطرز أكمام بمجالس تذكيره الَّذِي تتصدع صم الصخور عِنْد تحذيره وتتجمع أشتات الْعِظَام النخرة عِنْد تبشيره وتصغي آذان الْحفظَة لمجاري نُكْتَة وتختطف الْمَلَائِكَة لفاظه إشاراته من شفته ويخترق حجب الشداد السَّبع صواعد دعواته ويطفئ أطباق الْجَحِيم سوابق عبراته وَهُوَ مَعَ ذَلِك متخلق بِأَحْسَن الْأَخْلَاق مُتَمَكن بتواضعه وتودده من الأحداق رافل فِي جلابيب أهل الصَّفَا مراع لعهود الأسلاف بِحسن الوفا مَجْمُوع لَهُ الْأَخْلَاق الحميده ثَابت لَهُ الْحُقُوق الأكيدة
خلف أَبَاهُ ببلدته فِي مجَالِس التدريس وَالنَّظَر والتذكير وَزَاد عَلَيْهِ فِي الخطابة وَالْقَبُول التَّام بَين الْخَاص وَالْعَام وصبر على مكابدة الْخُصُوم اللد ومقاومة المعاندين