أمّا النهي عن المنكرات في الإدارة الحرة، فيمكن لكلِّ غيورٍ على نظام قومه أن يقوم به بأمانٍ وإخلاص، وأن يوجِّه سهام قوارصه على الضعفاء والأقوياء سواء، فلا يخصُّ بها الفقير المجروح الفؤاد، بل تستهدف أيضاً ذوي الشّوكة والعناد. وأنْ يخوض في كلِّ وادٍ حتى في مواضيع تخفيف الظُّلم ومؤاخذة الحُكّام، وهذا هو النصح الإنكاري الذي يُعدي ويُجدي، والذي أطلق عليه النّبي عليه السلام اسم (الدّين) تعظيماً لشأنه، فقال: "الدين النصيحة".

لمّا كان ضبطُ أخلاق الطبقات العليا من النّاس أهم الأمور، أطلقت الأمم الحرّة حرية الخطابة والتأليف والمطبوعات مستثنيةً القذف فقط، ورأت أن تحمل مضرَّة الفوضى في ذلك خير التحديد؛ لأنَّه لا مانع للحكّام أنْ يجعلوا الشّعرة من التقييد سلسلة من حديد، ويخنقون بها عدوّتهم الطبيعة، أي الحريّة. وقد حمى القرآن قاعدة الإطلاق بقوله الكريم: {ولا يُضارُّ كاتبٌ ولا شهيد}.

الخصال تنقسم إلى ثلاثة أنواع:

الأول: الخصال الحسنة الطبيعية، كالصدق والأمانة والهمّة والمدافعة والرحمة، والقبيحة الطبيعية كالرياء والاعتداء والجبانة والقسوة، وهذا القسم تضافرت عليه كلُّ الطبائع والشرائع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015