وصنيعة المال تزول بزواله، مات خُزَّانُ المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة"1.
قال ابن القيم: "وقوله: "إن الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع" هذا تقسيم خاص للناس وهو الواقع، فإن العبد إما أن يكون قد حصَّل كماله من العلم والعمل أو لا. فالأول العالم الرباني، والثاني إما أن تكون نفسه متحركة في طلب ذلك الكمال ساعية في إدراكه أو لا والثاني هو المتعلم على سبيل النجاة، والثالث وهو الهمج الرعاع.
فالأول هو الواصل، والثاني هو الطالب، والثالث هو المحروم المُعْرِض فلا عالم ولا متعلم بل همج رعاع، والهمج من الناس حمقاؤهم وجهلتهم، وأصله من الهمج جمع همجة وهو ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والدواب وأعينها2، فشبه همج الناس به والرعاع من الناس الحمقى الذين لا يعتد بهم. وقوله أتباع كل ناعق أي من صاح بهم ودعاهم تبعوه سواء دعاهم إلى هدى أو إلى ضلال، فإنهم لا علم لهم بالذي يُدْعَوْنَ إليه أحق هو أم باطل"3.
3- وعن علي - رضي الله عنه - قال: "كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه من هو فيه"4.
4- وكان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول إذا رأى الشباب يطلبون العلم: "مرحباً بينابيع الحكمة ومصابيح الظُّلَم جدد القلوب حلس البيوت ريحان كل قبيلة"5.
5- وقال وهب بن منبه: "يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه دنياً، والعز وإن كان مهيناً، والقرب وإن كان قصياً، والغنى وإن كان فقيراً، والمهابة وإن كان وضيعاً"6.