المبحث الأول: شرف العلم وفضل أهله

المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم

...

المطلب الأوّل: الأدلّة من القرآن الكريم

إن على طالب العلم أن يتذكر نعمة الله عليه بأن هداه للإسلام أولاً، وجعله من حملته والدعاة إليه ثانياً، فتلك نعمة منَّ الله بها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من قبلنا فقد قال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء 113] نعم والله إن فضل الله علينا عظيم.

ولو تأملت قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر 9] وتأملت نفسك قبل أن تطلب العلم وبعد أن منَّ الله عليك بطلب العلم هل الحال مستو، فالجواب "لا" ولو تأملت نفسك وأقرانك الذين في سنك ممن لم يطلبوا العلم هل تستوون فالجواب "لا" ولو تأملت نفسك وعوام الناس لوجدت الفارق العظيم، فهذه واحدة.

وأما الثانية ففي قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [الحجرات 11] إن هذه الرفعة التي وعد الله بها أهل الإيمان والعلم، منها ما هو في الحياة الدنيا ومنها ما هو في الآخرة، فطالب العلم له بين الناس منزلةٌ ومكانة واحترام وتقدير ولا يتسع الوقت لضرب الأمثلة على تلك الرفعة وهو أمرٌ ملموسٌ مشاهد.

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى: "إن العلم يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة ما لا يرفعه المُلْك ولا المال ولا غيرهما، فالعلم يزيد الشريف شرفاً ويرفع العبد المملوك حتى يجلسه مجالس الملوك كما ثبت في الصحيح من حديث الزهري عن أبي الطفيل أن نافع بن عبد الحارث أتى عمر بن الخطاب بعسفان، وكان عمر استعمله على أهل مكة، فقال له عمر: من استخلفت على أهل الوادي قال: استخلفت عليهم ابن أبزى، فقال من ابن أبزى؟ فقال: رجل من موالينا، فقال عمر: استخلفت عليهم مولى. فقال: إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض، فقال عمر: أما إن نبيكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015