فقلنا: يا رسولَ الله! ما يقول هذا البعيرُ؟ فقال:

"هذا بعيرٌ قد همَّ أهلُه بنَحْرهِ وأكْلِ لَحْمِهِ، فهرَبَ منْهُم، واسْتَغاثَ بنبِيَّكم - صلى الله عليه وسلم -".

فبينا نحنُ كذلك إذْ أَقْبَلَ أصحابُه يتَعادُونَ، فلمّا نَظَرَ إليْهم البعيرُ عادَ إلى هامَةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فلاذَ بها! فقالوا: يا رسولَ الله! هذا بعيرُنا هَربَ منذُ ثلاثَةِ أيَّامٍ، فلَمْ نَلْقَهُ إلاَّ بين يديْكَ، فقال - صلى الله عليه وسلم -:

"أما إنه يشكو إليَّ، فبئْستِ الشكايةُ".

فقالوا: يا رسولَ الله! ما يقولُ؟ قال:

"يقولُ إنَّه ربَى في أمْنِكُم أحْوالاً، وكُنْتُم تحمِلونَ عليه في الصَّيْفِ إلى مَوْضع الكَلأِ، فإذا كان الشتاءُ رحَلْتُمْ إلى موضِع الدِّفء، فلمَّا كَبُرَ اسْتَفْحَلُتموه، فَرَزَقَكُمُ الله منه إِبِلاً سائِمَةً، فلمَّا أدْرَكَتْهُ هذه السَّنةُ الخصيبَةُ (?) هَمَمْتُمْ بنَحْرِهِ، وأكْلِ لَحْمِهِ".

فقالوا: قدْ والله كانَ ذلك يا رسولَ الله! فقال عليه السلامُ:

"ما هذا جزاءُ المَمْلوكِ الصالحِ مِنْ مواليهِ".

فقالوا: يا رسولَ الله! فإنَّا لا نبيعُه ولا نَنْحرُهُ. فقال عليه السلامُ:

"كَذَبْتُمْ، قدِ اسْتغَاثَ بِكُمْ فَلمْ تُغيثوهُ، وأنا أَوْلى بالرحْمَةِ منْكُمْ، فإنَّ الله نَزَعَ الرحْمَةَ مِنْ قُلوبِ المنافِقينَ، وأسْكَنَها في قلوبِ المؤمنينَ".

فاشْتَراه عليه السلامُ منهمْ بمئةِ درهَمٍ وقال:

"يا أيُّها البعيرُ انْطلِقْ، فأنْتَ حرٌّ لوَجْهِ الله تعالى".

فَرغَى على هامَةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عليه السلامُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015