لك مَعَ هذا. قال:
"إنْ ذَبَحْتَ فلا تَذْبَحنَّ ذاتَ دَرٍّ".
فأَخَذ عَناقاً أو جَدْياً فَذبَحهُ، وقال لامْرَأَتِه: اخْبِزي واعْجني لنا، وأنت أعلَمُ بالخبز. فأخَذَ نصفَ الجَدْيِ فطَبَخه، وشوى نصفَهُ، فلما أدْرَكَ الطعامُ، وَوُضعَ بينَ يديِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه، أَخذَ مِنَ الجَدْيِ فَجعَلَهُ في رغيفٍ، وقال:
"يا أبا أيّوبَ! أبْلغْ بهذا فاطِمةَ؛ فإنَّها لم تُصِبْ مثلَ هذا منذُ أيّامٍ".
فذهب أبو أيّوبَ إلى فاطِمَةَ. فلّما أكلوا وشَبِعوا قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"خُبْزٌ وَلحَمٌ، وتَمْرٌ وبُسَرٌ ورُطَبٌ! -ودمَعَتْ عَيْناهُ- والذي نَفسي بيَدِهِ! إنَّ هذا هو النعيمُ الذي تُسألُونَ عنه يومَ القِيامَةِ".
فَكَبُرَ ذلك على أصحابِهِ. فقال:
" بَلْ إذا أصَبْتُمْ مثلَ هذا فضرَبْتُم بأيديكم فقولوا: (بسم الله)، فإذا شبِعْتُم فقولوا: (الحمدُ لله الذي أشْبَعَنا وأنْعَم علينا فأَفْضَلَ، فإنَّ هذا كَفافٌ بهذا) ".
فلما نَهضَ قال لأبي أيُّوبَ:
"ائْتنا غداً".
وكانَ لا يأتي أحَدٌ إليه معروفاً إلا أَحَبَّ أن يُجازِيَه؛ قال: وإنَّ أبا أيّوبَ لم يسْمَعْ ذلك، فقال عمرُ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يأُمرُكَ أن تَأْتِيَه غداً، فأتاهُ مِنَ الغَدِ فأعْطاهُ وليدةً (?)، فقال:
"يا أبا أيُّوب! اسْتَوْصِ بها خَيْراً؛ فإنّا لَمْ نرَ إلاَّ خيْراً ما دامَتْ عِنْدَنا".