أحْمَرُ وزُمُرُّدٌ أخْضَرُ، وترابُها مِسْكٌ وعَنْبَرُ، وكافورٌ أصْفَرُ، وحَشيشُها زَعفرانٌ مُونِعٌ، والأَلَنْجوج (?)، تتَأجَّجانِ مِنْ غير وقودٍ، يتفجر منْ أصْلِها السَّلْسَبيلُ والمعينُ والرحيقُ، وأصلُها مَجْلسٌ مِنْ مجالِسِ أهْلِ الجنَّةِ يأْلَفونَه ومُتَحَدَّثٌ يَجْمَعُهم، فبينا هُم يَوْماً في ظِلِّها يَتَحدَّثونَ إذْ جاءَتهْمُ الملائكَةُ يقودون نُجُباً جُبِلَتْ مِنَ الياقوتِ، ثُمَّ نُفِخَ فيها الروحُ، مَزْمومَةٌ بِسَلاسِلَ مِنْ ذَهَبِ، كأنَّ وجُوهَها المصابيحُ نَضارَةً وحُسْناً، وبَرُها خَزٌّ أحْمَرُ، ومِرْعِزّي (?) أبيَضُ مُخْتَلِطانِ، لَمْ يَنْظُرِ الناظِرونَ إلى مِثْلِها حُسْناً وبَهاءً ذُلُلٌ منْ غير مَهانَةٍ، نُخُبٌ مِنْ غَيْرِ رِياضَةٍ، عليها رَحائِلُ ألْواحُها مِنَ الدُّرِّ والياقُوتِ، مُفَضَّضَةٌ باللؤلؤِ والمَرْجَانِ، صَفائِحُها مِنَ الذَّهَبِ الأحْمَر، مُلَبَّسَةٌ بالعَبْقَرِيِّ (?) والأَرْجُوانِ، فأَناخوا لَهُمْ تلكَ النجائِبَ، ثُمَّ قالوا لَهُم: إنَّ ربُّكُمْ يُقْرِئُكُمُ السلامَ، ويَسْتَزيرُكم لِتَنْظُروا إليْهِ ويَنْظُرَ إلَيْكُمْ، وتكَلّمونَه ويُكَلِّمكم، وتُحَيُّونَه ويُحَيِّيكُمْ، ويَزيدَكم مِنْ فَضْلِه ومِنْ سَعَتِه، إنَّهُ ذو رحْمَةٍ واسِعَةٍ وفَضْلٍ عَظيمٍ، فيتَحَوَّل كلُّ رجُلٍ منهم على راحلَتِه، ثُمَّ يَنْطَلِقونَ صفّاً مُعْتَدِلاً لا يفوتُ شيءٌ منه شيئاً، ولا تَفوتُ أذُنُ ناقةٍ أُذُنَ صاحبَتِها, ولا يَمُرّونَ بِشَجَرةٍ مِنْ أشْجارِ الجَنَّةِ إلا أَتْحَفَتْهُم بثَمَرِها، وزَحَلَتْ لَهُم عَنْ طَرِيقَهِمْ كراهِيَةَ أنْ يَنْثَلِمَ صَفُّهم، أوْ يُفَرِّقَ بينَ الرجُلِ ورَفيقِه، فلمَّا دُفِعوا إلى الجَبَّارِ تبارَك وتعالى؛ أسْفَرَ لَهُمْ عَنْ وجْهِهِ الكريمِ، وتَجلَّى لهُمْ في عَظَمَتِه العظيمَةِ، تَحيَّتُهم فيها السلامُ،