والأحكام، إلا ما كان من المسائل الاجتهاديَّة فيقْتصر على المناقشاتِ والمناصحة.

قال ابن القيم - رحمه الله -:

«... بل عند فقهاء الحديث: أنَّ مَنْ شَرِبَ النبيذ المُخْتَلَفَ فيه: حُدَّ، وهذا فوقَ الإنكار باللسانِ.

بل عند فقهاءِ أهلِ المدينةِ: يَفْسُقُ، ولا تُقْبَلْ شهادتُهُ.

وهذا يردُّ قول مَنْ قال: «لا إنكار في المسائل المختلفِ فيها».

وهذا خلاف إجماع الأئِمَّةِ، ولا يُعْلَمْ إمامٌ من أئمَّةِ الإسلامِ قال ذلك ...» اهـ.

ولنقتصر على مثالٍ واحدٍ مما ذكره ابن القيم - رحمه الله تعالى - في هذا الباب.

فقد ذكر أنَّ عبد الله المبارك - رحمة الله - قال:

كنت بالكوفةِ، فناظروني في النَّبيْذِ المختلَفِ فيه، فقلت لهم: تعالوا فلْيحتَجَّ المحتجُّ منكم عمَّن شاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالرخصة، فاحتجُّوا فما جاءوا عن أحدٍ برخصةٍ إلا جئناهم بسندٍ، فلما لم يبقَ في يَد أحدٍ منهم إلا عبد الله بن مسعود - وليس احتجاجُهُمْ عنه في شدة النبيذ بشيءٍ يصح عنه، إنما يصحُّ عنه أنه لم ينتَبذْ له في الجرِّ الأخضر - قال ابنُ المبارك: فقلتُ للمحتجِّ عنه في الرخصةِ:

يا أحمق، عُدَّ أنَّ ابنَ مسعودٍ لو كان ههنا جالساً فقال: هو لك حلال، وما وصفنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشِّدَّةِ كان ينبغي لك أن تحذر وتخشى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015