ضرائر الشعر (صفحة 229)

و (أساود) مضمن (معنى) (أسائل)، لأن المساودة هي المسارة، ومسارته له في حقها سؤال عنها. ويمكن أيضاً أن يكون (أساود) مضمناً معنى (أخادع)، لأنه إنما ساود ربها ليخدعه عنها.

وقوله: (أأزمعت من آل ليلى ابتكاراً): (من) فيه، عندي واقعة في محلها،

والمعنى: أأزمعت من أجل آل ليلى ابتكاراً، لأنه إذا أزمع ابتكاراً إليهم فقد أزمعه من أجلهم.

وقول النابغة (إلى الناس مطلي به القار أجرب): إنما وقعت فيه (إلى) موقع (في)، لأنه إذا كان بمنزلة البعير الأجرب المطلي بالقطران الذي يخاف عدواه فيطرد عن الإبل إذا أراد الدخول بينها، كان مبغضاً إلى الناس. فعومل (مطلي) كذلك معاملة (مبغض).

وكذلك قول ابن أحمر (أيسقي فلا يروي إلى ابن أحمرا) فهو على ظاهرة من وقوع (إلى) فيه موضع (من). والذي سهل ذلك أن الري ضد الظمأ. والظمأ يتعدى بـ (إلى)، يقال: ظمئت إلى الماء. فعدى (يروي) بـ (إلي) حملا على ضدها، وهو (يظمأ)، لأن العرب كثيراً ما تجري الشيء مجرى ضده.

وقد يجيء في الكلام ما ظاهره أن حرف الخفض واقع فيه موقع غيره، نحو قوله تعالى: (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان). ألا ترى أن المعنى: في ملك سليمان. ويقال: إن فلاناً لظريف عاقل إلى حسب ثاقب، أي مع حسب ثاقب.

والبصريون يتأولون ذلك كما بيناه قبل. فيجعلون (تتلو) مضمناً معنى (تتقول)، لأن معنى الآية أنهم تقولوا على ملك سليمان ما لم يكن فيه. وكذلك قولك: (إن فلاناً لظريف عاقل إلى حسن) معناه أن له ظرفاً وعقلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015