صيد الخاطر (صفحة 98)

العلم حتى صار من المجتهدين، وبين العمل حتى صار قدوة للعابدين، فلم أر أكثر من ثلاثة1: أولهم: الحسن البصري، وثانيهم: سفيان الثوري، وثالثهم: أحمد بن حنبل، وقد أفردت لأخبار كل واحد منهم كتابًا، وما أنكر على من ربعهم بسعيد بْنِ المُسَيَّبِ2.

175- وإن كان في السلف سادات؛ إلا أن أكثرهم غلب عليه فن، فنقص من الآخرة، فمنهم من غلب عليه العلم، ومنهم من غلب عليه العمل، وكل هؤلاء كان له الحظ الوافر من العلم، والنصيب الأوفى من المعاملة والمعرفة.

176- ولا ييأس من وجود من يحذو حذوهم، وإن كان الفضل بالسبق لهم، فقد أطلع الله -عز وجل- الخضر على ما خفي على موسى عليه السلام3، فخزائن الله مملوءة، وعطاؤه لا يقف على شخص.

177- ولقد حكي لي عن ابن عقيل4: أنه كان يقول عن نفسه: أنا عملت في قارب ثم كسر وهذا غلط، فمن أين له؟! فكم من معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد يحقر نفسه على ذلك!! وكم من متأخر سبق متقدمًا!! وقد قيل:

إنَّ اللَّيالِيَ وَالأَيَّامَ حَامِلَةٌ ... وَلَيْسَ يَعْلَمُ غَيْرُ اللهِ مَا تَلِدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015