صيد الخاطر (صفحة 827)

1697- ثم قرأت اللغة، ولم أترك أحدًا ممن يروي ويعظ، ولا غريبًا يقدم إلا وأحضره، وأتخير الفضائل.

1698- وكنت إذا عرض لي أمران أقدم في أغلب الأحوال حق الحق، فأحسن الله تدبيري وتربيتي، وأجراني على ما هو الأصلح لي، ودفع عني الأعداد والحساد ومن يكيدني، وهيأ لي أسباب العلم، وبعث إلي الكتب من حيث لا أحتسب، ورزقني الفهم، وسرعة الحفظ، والحظ وجودة التصنيف، ولم يعوزني شيئًا من الدنيا؛ بل ساق إلي من الرزق مقدار الكفاية وأزيد.

1699- ووضع لي من القبول في قلوب الخلق فوق الحد، وأوقع كلامي في نفوسهم فلا يرتابون بصحبته، وقد أسلم علي يدي نحو من1 مائتين من أهل الذمة، ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف، وقد قطعت أكثر من عشرين ألف سالف مما يتعاناه الجهال.

1700- ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث، فينقطع نفسي في العدو لئلا أسبق، وكنت أصبح، وليس لي مأكل، وأمسي وليس لي مأكل، ما أذلني الله لمخلوق قط؛ ولكنه ساق رزقي لصيانة عرضي، ولو شرحت أحوالي لطال الشرح.

وها أنا قد ترى ما آلت حالي إليه، وأنا أجمعه لك في كلمة واحدة، وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّه} [البقرة: 282] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015