كأنه شريعة لهم! فيقال: قال أبو طالب المكي: كان من السلف من يزن قوته بكربة1، فينقص كل يوم!!
وهذا شيء ما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؛ وإنما كانوا يأكلون دون الشبع، فأما الحمل على النفس بالجوع، فمنهي عنه.
1602- ويقول: قال داود الطائي لسفيان: إذا كنت تشرب الماء البارد، متى تحب الموت؟! وكان ماؤه في دن2! ".
وما علم أن للنفس حظًّا، وأن شرب الماء الحار يرهل3 المعدة، ويؤذي، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبرد الماء.
1603- ويقول آخر منهم: منذ خمسين سنة أشتهي الشواء، ما صفَا لي درهمه!! ويقول آخر: أشتهي أن أغمس جزرة في دبس، فما صح لي!!. أتراهم أرادوا حبة منذ خرجت من المعدن4 ما دخلت في شبهة؟! هذا شيء ما نظر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وإن كان الورع حسنًا، ولكن لا على حمل المشاق الشديدة.
1604- وهذا بشر الحافي يقول: لا أحدث؛ لأني أشتهي أن أحدث!!.
وهذا تعليل لا يصلح؛ لأن الإنسان مأمور بالنكاح، وهو من أكبر المشتهى.
1605- وكان بشر حافيًا، حتى قيل له: الحافي! ولو ستر أمره بنعلين، كان أصلح، والحفاء يؤذي العين، وليس من أمر الدنيا5 في شيء؛ فقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعلان6.
1606- وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ما المتزهدون عليه اليوم؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، ويمزح، ويختار المستحسنات، ويسابق عائشة رضي الله عنها، وكان يأكل اللحم، ويحب الحلوى، ويتسعذب له الماء، وعلى هذا كان طريقة أصحابه.