صيد الخاطر (صفحة 753)

1499- فترى في الناس من يتزهد، وقد ربي جسده على الترف، فيعرض عما ألفه، فتجد له الأمراض، فتقطعه عن كثير من العبادات، وقد قيل: عودوا كل بدن ما اعتاد! وقد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضب، فقال: "أجدني أعافه؛ لأنه ليس بأرض قومي" 1.

1500- وفي حديث الهجرة: أن أبا بكر رضي الله عنه طلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الظل، وفرش له فروة، وصب على القدح الذي فيه اللبن ماء حتى برد.

1501- وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم، فقال: "إن كان عندكم ماء بات في شن؛ وإلا كرعنا". وكان صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج. وفي "الصحيح": أنه كان يحب الحلوى والعسل. وكان إذا لم يقدر، أكل ما حضر.

1502- ولعمري، إن في العرب وأهل السواد2 من لا يؤثر عنده التخشن في المطعم والملبس، وذاك إذا جرى بعد توبته على عادته؛ لم يستضر. فأما من قد ألف اللطف؛ فإنه إذا غير حالته، تغير بدنه، وقلت عبادته.

1503- وقد كان الحسن3 يديم أكل اللحم، ويقول: لا رغيفي مالك4، ولا صحني فرقد5.

1504- وكان ابن سيرين لا يخلي منزله من حلوى. وكان سفيان الثوري يسافر، وفي سفرته الحمل المشوي والفالوذج. وقالت رابعة: ما أرى لبدن يراد به العمل لله إذا أكل الفالوذج عيبًا.

فمن ألف الترف؛ فينبغي أن يتطلف بنفسه إذا أمكنه.

1505- وقد عرفت هذا من نفسي، فإني ربيت في ترف، فلما ابتدأت في التقلل وهجر المشتهى، أثر معي مرضًا، قطعني عن كثير من التعبد، حتى إني قرأت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015