صيد الخاطر (صفحة 731)

"ثلث طعام، وثلث شراب، وثلث نفس". وقد قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مريض: "أصب من هذا الطعام، فهو أوفق لك من هذا".

وكان صلى الله عليه وسلم يشاور الأطباء، ويحتجم، ويحث على التداوي، ويقول: "ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء، فتداووا".

1450- فجاء أقوام جهلوا العلم والحكمة في بنيان الأبدان، فمنهم: من أقام في الجبال يأكل البلوط1، فأصابه القولنج2، ومنهم: من كان لا يتقوت3 إلا الباقلاء4 والشعير: فأوجبت هذه الأفعال أمراضًا في البدن، وترقت إلى إفساد العقل.

وأتفق لهم قلة العلم؛ إذ لو عملوا لفهموا أن الحكمة تنهى عن مثل هذا؛ فإن البدن مبني على أخلاط، إذا اعتدلت وافقت السلامة، وإذا زاد بعضها وقع المرض وأكثر هؤلاء مرضوا، وتعجل لهم الموت، وفيهم من خرج إلى التسودن5، وفيهم من لاحت له لوائح، فادعى رؤية الملائكة.. إلى غير ذلك.

1451- فأما أهل العلم والعقل، فهربهم من الخلق لخوف المعاصي، ورؤية المنكر، وفيهم من قويت معرفته، فشغلته معرفة الحق ومحبته عن ملاقاة الخلق.

فهذه هي الخلوات الصافية؛ لأنها تصدر عن علم وعقل، فتحفظ البدن؛ لأنه ناقة توصيل.

1452- ولا ينبغي أن يتهاون بالمأكولات، خصوصًا من لم يعتد التقشف، ولا يلبس الصوف على البدن من لم يعتده، ولينظر في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015