صيد الخاطر (صفحة 6)

أما الطبعة الثانية1 فهي طبعة ريحانة الشام القاضي الفقيه والداعية الأديب، الشيخ على الطنطاوي، وهو الذي عرف الناس بالكتاب بعد أن بقي في زوايا النسيان ما يزيد على ثلاثة عقود، فأعاد نشره اعتمادًا على طبعة الخانجي، وقد ذكر رحمه الله في مقدمته أنه طلب من الدكتور صلاح الدين المنجد حفظه الله تعالى، عندما كان مديرًا لمعهد المخطوطات العربية أن يرسل إليه مصورة عن نسخة خطية من الكتاب، فأرسل إليه الدكتور نسخة لعلها نسخة دار الكتب، التي هي أحد أصول طبعة الخانجي، فكانت الفائدة منها محدودة، وبقي تصحيح الكتاب يعتمد على فطنة وعلم وألمعية الأستاذ الطنطاوي وهو من هو، وقد تميزت طبعته رحمه الله بمقدمة رائعة، فكل ما كتبه الشيخ الطنطاوي هو من كنوز الأدب الرفيع، وقد طلب الشيخ الطنطاوي رحمه الله من الشيخ ناصر الدين الألباني الذي وصفه بأنه المرجع اليوم في رواية الحديث في البلاد الشامية أن يبين ما في أحاديث الكتاب من الصحة أو الضعف، وقد صدرت طبعة الشيخ في ثلاثة أجزاء من القطع المتوسط عن دار الفكر بدمشق عام "1380هـ 1960م"، وقد شاركه في العمل بالكتاب شقيقه القاضي الفاضل ناجي الطنطاوي، الذي قابل الكتاب بمخطوطة دار الكتب المصرية، ووضع عنوانات الفصول، وبطبعة الشيخ علي الطنطاوي طبق الكتاب الآفاق، وعمت شهرته الخاص والعام2، فجزاه الله خيرًا.

أما الطبعة الثالثة: فهي طبعة العلامة الداعية الكبير الشيخ محمد الغزالي رحمه الله الصادرة عن دار الكتب الحديثة بمصر عام "1960م"، قدم لها بمقدنة رائعة على وجازتها، وبين عمله في الكتاب بقوله: "لقد طالعت هذا الكتاب، ورأيت أن أيسر للناس الإفادة منه، وما كدت أمضي في قراءته حتى شعرت بأن النساخين والطباعين قد شوهوا الكتاب، وكادت بعض أفكار المؤلف تخفى، أو تطمس من كثرة هذه الأخطاء، ومع اتفاق المخطوطات على تدوينها دون وعي ... فرأيت أن أخدم المعنى الصحيح جهد الطاقة، ولم يكن بد من حذف كلمات مقحمة، وإثبات كلمات محذوفة، وتصويب كلمات محرفة، ولم أشأ تسجيل هذا التغيير في هوامش الصفحات؛ إذ لم أر في ذكره كبير فائدة3. وهذا الذي صنعه الشيخ محمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015