صيد الخاطر (صفحة 127)

إذا كانت بعض المخلوقات لا تعلم إلا جملة فالخالق أجل وأعلى

43- فصل: إذا كانت بعض المخلوقات لا تُعْلَمُ إلا جملة فالخالق أجل وأعلى

224- رأيت كثيرًا من الخلق وعالمًا من العلماء لا ينتهون عن البحث، عن أصول الأشياء التي أمروا بعلم جملها2 من غير بحث عن حقائقها! كالروح مثلًا، فالله تعالى سترها بقوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] ، فلم يقنعوا، وأخذوا يبحثون عن ماهيتها، ولا يقعون بشيء3، ولا يثبت لأحد منهم برهان على ما يدعيه! وكذلك العقل، فإنه موجود بلا شك، كما أن الروح موجودة بلا شك، كلاهما يعرف بآثاره، لا بحقيقة ذاته.

225- فإن قال قائل: فما السر في كتم هذه الأشياء؟ قلت: لأن النفس ما تزال تترقى من حالة إلى حالة، فلو اطلعت على هذه الأشياء، لترقت إلى خالقها، فكان ستر ما دونه زيادة في تعظيمه؛ لأنه إذا كان بعض مخلوقاته يعلم جملة4، فهو أجل وأعلى.

226- ولو قال قائل: ما الصواعق؟ وما البرق؟ وما الزلازل؟ قلنا: شيء مزعج، ويكفي. والسر في ستر هذا: أنه لو كشفت حقائقه، خف مقدار تعظيمه5.

ومن تلمح هذا الفصل، علم أنه فصل عزيز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015