وَتَعْتَقِدُ الدليل، وتفضل ساعة التشاغل به على ساعات النوافل، وتقول: أقوى دليل لي على فضله على النوافل: أني رأيت كثيرًا ممن شغلتهم نوافل الصلاة والصوم عن نوافل العلم عاد ذلك عليهم بالقدح في الأصول، فرأيتها في هذا الاتجاه على الجادة السليمة1 والرأي الصحيح.
211- إلا أني رأيتها واقفة مع صورة التشاغل بالعلم، فصحت بها: فما الذي أفادك العلم؟! أين الخوف؟! أين القلق؟! أين الحذر؟! أو ما سمعت بأخبار أخيار الأحبار في تعبدهم واجتهادهم؟!
أما كان الرسول صلى الله عليه وسلم سيد الكل، ثم إنه قام حتى ورمت قدماه2؟!
أما كان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج، كثير البكاء؟!
أما كان في خد عمر رضي الله عنه خطان3 من آثار الدموع؟!
أما كان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن في ركعة؟!
أما كان علي رضي الله عنه يبكي بالليل في محرابه حتى تخضل لحيته بالدموع، ويقول: يا دنيا غري غيري4؟!
أما كان الحسن البصري يحيا على قوة القلق.
أما كان سعيد بن المسيب ملازمًا للمسجد، فلم تفته صلاة في جماعة أربعين سنة؟!
أما صام الأسود بن يزيد5 حتى اخضر واصفر؟!