صيد الخاطر (صفحة 113)

التي تقيمها، فلا بد من إعطائها ما يقيمها، وأكثر ذلك أو كله مما تشتهيه، ونحن كالوكلاء في حفظها؛ لأنها ليست لنا، بل هي وديعة عندنا، فمنعها حقوقها على الإطلاق خطر.

ثم رب شَدٍّ أوجب استرخاء، ورب مضيق على نفسه فرت منه، فصعب عليه تلافيها؛ وإنما الجهاد لها كجهاد المريض العاقل، يحملها على مكروهها في تناول ما ترجو به العافية، ويذوب في المرارة قليلًا من الحلاوة، ويتناول من الأغذية مقدار ما يصفه الطبيب، ولا تحمله شهوته على موافقة غرضها من مطعم ربما جر جوعًا، ومن لقمه ربما حرمت لقمات.

203- فكذلك المؤمن العاقل، لا يترك لجامها، ولايهمل مقودها، بل يرخي لها في وقت، والطول1 بيده، فما دامت على الجادة، لم يضايقها في التضييق عليها، فإذا رآها قد مالت، ردها باللطف، فإن ونت2 وأبت، فبالعنف3، ويحسبها4 في مقام المداراة كالزوجة، التي مبنى عقلها على الضعف والقلة، فهي تداري عند نشوزها5 بالوعظ، فإن لم تصلح، فبالهجر، فإن لم تستقم، فبالضرب6، وليس في سياط التأديب أجود من سوط عزم7.

204- هذه مجاهدة من حيث العمل، فأما من حيث وعظها وتأنيبها، فينبغي لمن رآها تسكن للخلق، وتتعرض بالدناءة من الأخلاق أن يعرفها تعظيم خالقها لها، فيقول: ألست التي قال فيك: خلقتك بيدي، وأسجدت لك ملائكتي، وارتضاك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015