ومن عدم الصواب وقد نحاه........ بأحسن مايجدُّ فلا يعاب
ومن خاض العباب بقصد ربح ... فان الدر ماضم العباب
ومن حسب الحياة مدى طويلا ... يكذب ظنه الاجل القراب
اذا ولى شباب المرء يوما ... فليس يعيد صبوته الخضاب
ألا ليت الشباب يعود يوما ... تقول وانما ذهب الشباب
فلا يشغل فؤادك في شباب ... عن العمل السماع أو الشراب
ولا يقعدك عن عمل فراغ ... ولو لم يعقب العمل اكتساب
وان المرء ان يلزم سكونا ... تولى هيكل الجسد الخراب
ومن اضحى لامر غير كفؤ ... فأليق ما يليق به اجتناب
سيعلم كل من عرف المعالي ... بأن الشغل للعليا نصاب (?)
فاغتنم الحياة وجد في العمل قبل ان ياتي الاجل, وفي امثال العرب: (احرز امرا اجله) معناه ان الانسان لايملك ان يفر من اجله لانه مدركه اينما كان (?) وقال الميداني والزمخشري: هذا اصدق مثال قالته العرب. وفي امثال العرب ايضا (اذا انقطعت المدة لم تنفع العدة) اي اذا انتهى عمر الانسان لم تنفعه اي وسيلة للنجاة, فنفس المرء خطاه الى اجله غير انه لايدري متى يحل اجله فاستثمر الحياة ولا تضيعها, قال الشاعر:
فَالعَيشُ نَومٌ وَالمَنِيَّةُ يَقِظَةٌ ... وَالمَرءُ بَينَهُما خَيالِ ساري
وَالنَفسُ إِن رَضِيَت بِذَلِكَ أَو أَبَت ... مُنقادة بِأَزمَّة الأَقدارِ
فاِقضوا مآرِبكم عُجَالاً إِنَّما ... أَعمارُكُم سِفرٌ مِنَ الأَسفارِ (?)
وقال اخر:
ضياع العمر في عبث ولهو ... ضلال لايشابهه ضلال
فاذا اردت ان تفلح في حياتك وتؤدي واجبك باعمار الحياة واستثمارها, والنجاة من اثامها وأوزارها فعليك باصلاح نفسك, واصلاحها يتعين في اصلاح فكرك واصلاح شهوتك, واصلاح الفكر لايتم الا بتعليمها من العلوم ما تميز به بين الحق والباطل في الاعتقاد, وبين الصدق والكذب في المقال, وبين الجميل والقبيح في سائر الافعال, واما اصلاح الشهوة فان ذلك لايتم الابالتزام الفضيلة بالعفة, والابتعاد عن الرذيلة, والتحلم في الاخلاق, وكف النفس عن قضا وطر لايرضى به الخالق الرزاق, وفي الذكر الحكيم: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (?) فالشهوة ليست مذمومة في ذاتها, ولهذا كان المطلوب منك ترويض قوة الشهوة واصلاحها,