5. الحليمي: (حقيقة الحياء خوف الذم بنسبة الشر إليه, وقال غيره: إن كان في محرم فهو واجب وإن كان في مكروه فهو مندوب وإن كان في مباح فهو العرفي وهو المراد بقوله: الحياء لا يأتي الا بخير, ويجمع كل ذلك أن المباح أنما هو ما يقع على وفق الشرع اثباتا ونفيا, وحكي عن بعض السلف رأيت المعاصي مذلة فتركتها مروأة فصارت ديانه, وقد يتولد الحياء من الله تعالى من التقلب في نعمه فيستحيي العاقل أن يستعين بها على معصيته, وقد قال بعض السلف: خف الله على قدر قدرته عليك واستحي منه على قدر قربه منك والله أعلم (?))
وقال الشاعر:
يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍ ... وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ
فَلا وَاللَهِ ما في العَيشِ خَيرٌ ... وَلا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَيالي ... وَلَم تَستَحيِ فَاِفعَل ما تَشاءُ (?)
قال الفيروز ابادي: الحياء فى القرآن على ثلاثة أَوجه:
الأَوّل: بمعنى الاستبقاءِ للخدمة: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ} (?) أَى يستبقونهنّ للخدمةِ.
الثانى: بمعنى التَّرك والإِعراض: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً} (?) أَى لا يترك.
الثالث: بمعنى استعمال الحياءِ. وهو لغة: انقباض النَّفْس عن القبيح وتركه, يقال حي فهو حَيّ، واستحيا فهو مُسْتَحىٍ. وقيل: استحَيى فهو مُسْتَح. وفى الحديث "إِنَّ الله يستحْيي من ذى الشَّيبَة المُسلم أَن يعذَّبه" (?) وليس المراد به: انقباض النَّفس، وإِنَّما المراد به: تركُ تعذيبه. وعلى هذا ما يروى (إِنَّ الله حيُّي) أَى تارك للمقابح، فاعل المحاسن (?) . وفى الحديث "إِذا لم تستحْىِ فاصنع ما شتئت" (?)
فضل الحياء
الحياء خلق كريم, والحياء من الايمان, فمن استحياء من الحق فقد كمل ايمانه وتم دينه, وكان ذلك عنوان تقواه, فعاقبة الاستحياء النجاة والسلامة من ادران النقائص, ودخول الجنة, وثواب الحياء كنوز مدخرة, واجر جزيل في الاخرة, ولله در القائل:
أَأَذكُرُ حاجَتي أَم قَد كَفاني ... حَياؤُكَ إِنَّ شيمَتَكَ الحَياءُ