غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (?) , وجه الاستدلال أن هذه الآية نزلت بعد غزوة أُحد والتي كان قرار الخروج فيها مبنياً على الشورى وأخذه صلى الله عليه وعلى آله وسلم برأي الأكثرية فنزلت هذه الآية بعد النتائج الأليمة التي حلت بالمسلمين تأمر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعفو عنهم والاستغفار والمشاورة حتى لا يظن ظان بضرورة استبعاد الشورى, فإذا أمر الله بها رسوله, وهو أرجح الناس عقلاً, فالأمر في حق غيره من قادة المسلمين أولى وأوجب, فصيغة الأمر عند علماء الأصول تفيد الوجوب ما لم ترد قرينة تصرفه عن ذلك, وهذه الصيغة (وَشَاوِرْهُمْ) صيغة أمر وهي تدل على وجوب الشورى ولم ترد نصوص أخرى تصرفها إلى الندب, بل جاءت النصوص الأخرى من الكتاب والسنة تؤكد هذا الوجوب وتؤيده، ويقول الفخر الرازي في التفسير الكبير: ظاهر الأمر للوجوب, فقوله (وَشَاوِرْهُمْ) يقتضي الوجوب (?) .
قال الماوردي: اعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْحَزْمِ لِكُلِّ ذِي لُبٍّ أَنْ لَا يُبْرِمَ أَمْرًا وَلَا يُمْضِيَ عَزْمًا إلَّا بِمَشُورَةِ ذِي الرَّأْيِ النَّاصِحِ، وَمُطَالَعَةِ ذِي الْعَقْلِ الرَّاجِحِ.