وقد تضافرت النصوص الربانية والأحاديث النبوية على تحريمها والتحذير منها, وتكرر لفظ الخيانة ومشتقاتها في القرآن الكريم أكثر من ثلاثين موضعاً (?) , منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (?) .
وجاء في الحديث النبوي: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) (?) أي لا تقابل خيانة من خان بخيانة مثلها, فالخيانة لا تباح فيها العقوبة بالمثل, وإنما جعلت عقوبة خائن الأمانة في الدنيا التعزير والضمان.
والخيانة شر كلها لما فيها من مخالفة الحق وخيانة الخلق والضرر بهم, والخائن لا تقبل شهادته ولا تصح روايته, وقد قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك حيث يقول: (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة) (?) أي لا تقبل, وفي رواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رد شهادة الخائن والخائنة) (?) .
والخيانة شؤم في الدنيا عذاب في الآخرة, ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ:) ذكر منهم: (وَالْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلاَّ خَانَهُ) (?) .
والخيانة صفة المنافقين والمشركين والكفار والجاحدين من لا يحبهم الله رب العالمين, وفي الذكر الحكيم: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} (?) , وفي سورة الحج: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (?) .
الخيانة مبغوضة عند الله سبحانه وتعالى في جميع صورها ومظاهرها, فلا وسيلة لحفظ الإيمان إلا بتجنبها واتقاء ضررها والمسارعة إلى التوبة منها والبعد عنها, فالخيانة أسوء ما يبطنه الإنسان, وقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يستعيذ منها فقد جاء في الأدعية المأثورة: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئست البطانة) (?) .
قال الأعور الشمي: