وقيل: من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله تعالى, ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليثق بالله تعالى, ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه, ومن أحب بقاء جميع ذلك فليشكر الله تعالى دائماً. (?)
وقد جاء في محكم الذكر الحكيم: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} (?) .
إن من أنفع القربات, وأهم الواجبات؛ شكر الخالق على نعمه, فإن من غفل عن ذلك, وتجاهل نعم الله عليه فإنه يكون مقترفاً لأشد أنواع الجحود, فشكر النعمة مما تألفه النفوس, فالناس ينكرون على الشخص الذي لا يسدي الشكر لمن أحسن إليه, ويسمونه بالجحود والكفران, فكيف بالله الذي أسدى من النعم ما لا تحصى, وخَلقُ الإنسان أفضل النعم, وفي محكم التنزيل: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (?) , وفي سورة يس يذكرنا بالنعم العزيز الحكيم حيث يقول: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ* وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ* لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} (?) .
وفي نعمة إجراء الأنهار, وتسخير البحار, والاستمتاع بالنعم الغزار؛ من الفضل ما لا يحصيه إلا العزيز الغفار, وفي سورة الجاثية: {اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (?) آية واضحة تدل على عظم نعمة التسخير.
وفي اختلاف الليل والنهار من النعم الكبيرة, والخيرات الوفيرة؛ ما يدعو إلى الشكر والثناء على القوي القدير, وفي سورة القصص آيات واعتبار, تدل على نعم العزيز الجبار, قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (?) .
فأحسن كل حسن نعمة مشكورة, وحق الله في العسر الرضى والصبر, وفي اليسر البر والشكر, وقال بعض الصالحين: إني لأصاب بالمصيبة فأشكر الله عليها أربع مرارٍ: شكراً إذ لم تكن أعظم مما هي, وشكراً إذ رزقني الصبر عليها, وشكراً لما أرجوه من زوالها, وشكراً إذ لم تكن في ديني, وقال أبو الفرج الببغاء (?) :