وقيدت الشهادات والأحكام, وأنزل الله تعالى في ذلك آية المداينة وهي أطول آية في القرآن. ولله در القائل:

إن الكتابة رأس كل صناعة ... وبها تتم جوامع الأعمال

فاحرص أخي على تعلّم القراءة والكتابة تظفر بالحسنى وزيادة, ودع عنك المفاخرة بالقلم وتعلم الهجاء والذم, ولطالما تفاخر الشعراء بالقلم ووصفوه بما توصلت إليه أفهامهم في مدائحهم وهجائهم, ومن ذلك قول الشاعر:

فلي قلم في رقمه سم أرقم ... تراه إذا أرسلته حيةً تسعى

يزيد سناء الشمس بالمدح بهجةً ... ويلبسها من هجوه خطةً شنعا (?)

وقال آخر:

لا تُهاوِن بِصَغيرٍ مِن عِدىً ... فَقَديماً كَسَرَ الرُمحُ القَلَم

وَتَرَقَّب مِن سَليلٍ صُنعَهُ ... فَمِنَ البَيعِ قِياضٌ وَسَلَم (?)

وقال أبو تمام:

لَكَ القَلَمُ الأَعلى الَّذي بِشَباتِهِ ... تُصابُ مِنَ الأَمرِ الكُلى وَالمَفاصِلُ

لُعابُ الأَفاعي القاتِلاتِ لُعابُهُ ... وَأَريُ الجَنى اِشتارَتهُ أَيدٍ عَواسِلُ

فَصيحٌ إِذا اِستَنطَقتَهُ وَهوَ راكِبٌ ... وَأَعجَمُ إِن خاطَبتَهُ وَهوَ راجِلُ

والعاقل إنما يكتب بقلمه ما ينفع ولا يضر, فهو لا يسجل لغو الحديث, ولا العمل الخسيس, ولا يكتسب به المآثم, ولا يستحل به المحارم, ولا يسجل به ما يوقع في المعاصي, ويحرض على الملاهي, ويرغب في الشقاء, ويجلب الفتنة, ويتسبب في الأذى, ويدعو إلى ظلم العباد, فما أحسن القلم الذي يقتصر في كتابته على الكلام الجميل, وما يدعو إلى طاعة الملك الجليل, ولله در القائل:

وَما مِن كاتِبٍ إِلا سَيفني ... وَيَبقي الدَهر ما كَتَبتَ يَداه

فَلا تَكتُب بِكفك غَير شَيءٍ ... يَسرك في القِيامة إِن تَراه (?)

وفي الذكر الحكيم: {ن~ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} (?) ,

القلم الالكتروني

لقد كان القرآن الكريم سباقاً إلى الإرشاد بحفظ حقوق العباد وإثباتها كتابةً بالخط المعتاد سواءً كان ذلك بالقلم التقليدي العادي أو بالقلم الإلكتروني, فقد صرح في سورة البقرة بما يفيد التوجيه إلى التوثيق بالكتابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015