ثمَّ أَن مُسلما رَحمَه الله وإيانا رتب كِتَابه على الْأَبْوَاب فَهُوَ مبوب فِي الْحَقِيقَة وَلكنه لم يذكر فِيهِ تراجم الْأَبْوَاب لِئَلَّا يزْدَاد بهَا حجم الْكتاب أَو لغير ذَلِك وتحريه رَحمَه الله فِيهِ ظَاهر فِي أَشْيَاء مِنْهَا كَثْرَة إعتنائه بالتمييز بَين حَدثنَا واخبرنا وَتَقْيِيد ذَلِك على مشايخه كَمَا فِي قَوْله حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد قَالَ عبد أخبرنَا وَقَالَ ابْن رَافع حَدثنَا عبد الرَّزَّاق وَكَانَ من مذْهبه الْفرق بَينهمَا وَأَن حَدثنَا لما سَمعه من لفظ الشَّيْخ خَاصَّة وَأخْبرنَا لما قرىء على الشَّيْخ
وَذَلِكَ مَذْهَب الشَّافِعِي واصحابه وَمذهب البُخَارِيّ فِي كثيرين جَوَاز اطلاق حَدثنَا واخبرنا فِيمَا قرىء على الشَّيْخ كَمَا فِي مَا سمع من لَفظه وَمذهب مُسلم وموافقيه صَار هُوَ الْغَالِب على أهل الحَدِيث وَالله أعلم
وَمِنْهَا إعتناؤه بضبط أَلْفَاظ الْأَحَادِيث عِنْد إختلاف الروَاة فِيهَا فَمن ذَلِك ان الحَدِيث إِذا كَانَ عِنْده عَن غير وَاحِد وَأَلْفَاظهمْ فِيهِ مُخْتَلفَة مَعَ إتفاقهم فِي الْمَعْنى قَالَ فِيهِ أخبرنَا فلَان وَفُلَان وَاللَّفْظ لفُلَان قَالَ أَو قَالَا أخبرنَا فلَان
فَجَائِز قَالَ نظرا إِلَى من لَهُ اللَّفْظ وَحده وَجَائِز قَالَا نظرا إِلَى اجْتِمَاعهمَا على الْمَعْنى وَله عَن هَذَا عبارَة أُخْرَى حَسَنَة كَمَا فِي قَوْله حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَابْن أبي عمر كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان قَالَ زُهَيْر حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة فأشعر بِإِعَادَة ذكر زُهَيْر خَاصَّة بِأَن لفظ الحَدِيث لَهُ خَاصَّة