عنقه على أن يقول إن الولي إله مع الله لما قالها، بل عنده اعتقاد جهل أن الولي لما أطاع الله كان له بطاعته عنده تعالى جاه به تقبل شفاعته ويرجى نفعه، لا أنه إله مع الله، بخلاف الوثني فإنه امتنع عن قول لا إله إلا الله حتى ضربت عنقه زاعماً أن وثنه إله مع الله ويسميه رباً وإلهاً، قال يوسف عليه السلام: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} سماهم أرباباً لأنهم كانوا يسمونهم بذلك كما قال الخليل: {هَذَا رَبِّي} في الثلاث الآيات، مستفهماً لهم مبكتاً متكلماً على خطئهم حيث يسمون الملائكة أرباباً وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} وقال قوم إبراهيم: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا} ، {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبرَاهِيمْ} ؟ وقال إبراهيم: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} ؟ ومن هنا يعلم أن الكفار غير مقرين بتوحيد الألوهية والربوبية كما توهمه من توهم من قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ، {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ -إلى قوله- فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} فهذا إقرار بتوحيد الخالقية والرازقية ونحوهما، لا إنه إقرار بتوحيد الربوبية، لأنهم يجعلون أوثانهم أرباباً كما عرفت. اهـ.

وجه الفساد أن الإقرار بتوحيد الخالقية والرازقية ونحوهما إقرار بتوحيد الربوبية، لما عرفت فيما تقدم من أن معنى الرب هو المالك المتصرف، وكون الله تعالى وحده خالقاً ورازقاً ونحوهما يستلزم كونه تعالى وحده مالكاً متصرفاً في جميع المخلوقات، على أن قوله تعالى في المؤمنون: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} نص على الإقرار بتوحيد الربوبية واضح، وقد علمت الجواب عما فيه من البحثين فتذكر، وأما قوله: "يجعلون أوثانهم أرباباً" فقد عرفت الجواب عنه فيما سلف بما لا يزيد عليه1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015