أقول: قد عرفت أن مراد المانعين للنداء ليس مطلق النداء بل النداء الحقيقي الذي يقصد به من المنادى ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع وكشف الضر، ولا مرية في أنه عبادة، وكونه عبادة وممنوعاً لا يقتضي كون كل نداء ممنوعاً، حتى يلزم منه عدم جواز نداء الأحياء فيما يقدرون عليه.
قوله: وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقد ألوهيته واستحقاقه للعبادة فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه.
أقول: لا ريب في أن من ينادي أحداً نداء حقيقياً ويقصد به من المنادى ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع وكشف الضر فهو يعتقد استحقاقه العبادة1 وإلا لم يصدر منه هذا النداء الذي هو الدعاء وهو من أفراد العبادة، على أن مطلق ارتكاب فعل أو قول أو عمل مما يعد من العبادة هو العبادة ولا يتوقف كونه عبادة على اعتقاد ألوهيته، ومن يدعى ذلك فعليه البيان.
قوله: فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله أو اعتقاد التأثير لغير الله تعالى.