قد بلغت رسالة ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جازى نبياً عن أمته، ورفع درجتك العليا، وتقبل شفاعتك الكبرى، وأعطاك سؤلك في الآخرة والأولى، كما تقبل من إبراهيم. اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه شرباً روياً لا نظمأ بعده أبداً. اه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) : ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي لأجل الدعاء عنده، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه.
واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يستقبل قبره، وتنازعوا عند السلام عليه فقال مالك وأحمد وغيرهما: يستقبل قبره ويسلم عليه، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي، وأظنه منصوصاً عنه، وقال أبو حنيفة: بل يستقبل القبلة، ويسلم عليه، هكذا في كتب أصحابه، وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في (المبسوط) والقاضي عياض وغيرهم: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ولكن يسلم ويمضي.
وقال أيضاً1 في (المبسوط) : لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي ويدعو له ولأبي بكر وعمر، فقيل له: فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة2، فقال: لم يبلغني