وأما قوله: إن إسناد الإغاثة إلى الله تعالى حقيقي، فلا وجه لصحته حسب اعتقاد صاحب الرسالة، فإن المراد بالإغاثة أي إغاثة، فإن كان المراد بها الإغاثة التي هي كسب موسى عليه السلام فكون الله تعالى خالقاً لها مسلم. ولكن إسنادها إلى الله تعالى حقيقة يقتضي أن تكون جميع أفعال العباد مسندة إلى الله تعالى، وبطلانه أجلى من الشمس في نصف النهار كما تقدم، وإن كان المراد الإغاثة التي هي صفة من صفات الله تعالى فإسنادها إلى الله تعالى حقيقة مسلم، ولكن لا يتأتى على معتقد صاحب الرسالة، إذ مناط الإسناد الحقيقي عنده اعتبار الخلق والإيجاد، والله تعالى ليس خالقاً وموجداً لصفاته، وإلا يلزم أن تكون صفاته تعالى مخلوقة محدثة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فانعكس الأمر.

قوله: وقد يكون معنى التوسل به صلى الله عليه وسلم طلب الدعاء منه إذ هو صلى الله عليه وسلم حي في قبره يعلم سؤال من يسأله.

أقول: سلمنا أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره، ولكن تلك الحياة حياة برزخية، وتساوي الحياة البرزخية للحياة الدنيوية في جميع الأحكام غير مسلم حتى يتفرع عليها علم سؤال من يسأله وجواز طلب الدعاء منه صلى الله عليه وسلم.

قوله: وقد تقدم حديث بلال بن الحارث رضي الله عنه.

أقول: قد تقدم الكلام عليه، فتذكر.

قوله: فعلم منه أنه صلى الله عليه وسلم يطلب منه الدعاء بحصول الحاجات كما كان يطلب منه حياته.

أقول: هذا بناء الفاسد على الفاسد، فلا يعبأ به.

قوله: وأنه صلى الله عليه وسلم يتوسل به في كل خير قبل بروزه لهذا العالم وبعده في حياته وبعد وفاته وكذا في عرصات القيامة فيشفع إلى ربه.

أقول: هذا التوسيع والتعميم مما لا يدل عليه دليل يعتمد عليه، وكل ما ذكره صاحب الرسالة قد عرفت وهنه فيما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015