التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة، ومزاياهم الفاضلة، إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة. اهـ.
ففيه نظر من وجوه:
(الأول) أن قوله في دليل الدعوى: إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله، دعوى مجرد لم يذكر عليه دليلاً فلا تقبل1. ألا ترى أن أمته صلى الله عليه وسلم خير أمة بدليل قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} . مع أن من خلا من الأمم أكثر عملاً منهم، فيجوز أن يكون الفاضل فاضلاً بفضل الله تعالى لا بمجرد العمل.
(الثاني) أنا لا نسلم أن الفاضل إذا كان فضله بالأعمال كان التوسل به توسلاً بالأعمال الصالحة، لم لا يجوز أن يكون التوسل به توسلاً بذاته؟ بل هو الظاهر2، فإن حقيقة التوسل بالشيء التوسل بذاته، والتوسل بالأعمال أمر خارج زائد على الحقيقة، ولا يصرف عن الحقيقة إلى المجاز إلا لمانع.