فإنهم نصوا على تحريم علم الكلام. وعللوه بما هو موجود في المنطق. ولهذا صرح المتأخرين من أصحابهم بتحريمه، تخريجًا على أصولهم.
أخرج الهروى من طريق عبد الرحمن بن مهدي قال دخلت على مالك وعنده رجل يسأله فقال: لملك من أصحاب عمرو بن عبيد. لعن الله عمرا فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام. ولو كان الكلام علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع.
هذا النص من مالك يصرح بالعلة في تحريم الكلام، كما تقدم عن الشافعي واعتمدها ابن الصلاح في المنطق، وكذا سائر أثمة المسلمين، الذين نصوا على تحريم علم الكلام عللوه بكون السلف لم يتكلموا فيه، فيخرج على أصولهم تحريم المنطق لوجود هذه العلة فيه، وقد تعين بسبب ذلك أن نسق نصوص الأثمة في تحريم الكلام وألفاظهم في ذلك ثم نعقبه بما نحن بصدده.