المعقول والنظر، فقال: أخطأ السنة ورد بدعة ببدعة، وهجر أحمد بن حنبل الحارث بن أسد المحاسبي وكان من أهل العلم برده على المبتدعة بعلم الكلام. وقال له ليس السنة أن ترد عليهم ولا يناظرون، إنما السنة أن يخبروا بالآثار والسنن. فإن قبلوها وإلا هجروا في الله. وقال أيضًا: إذا رددت عليه بعلم المعقول والجدل ألجأتهم إلى رد ما جئت به بالقياس والجدل فيكون سببًا لرد الحق، وكذلك أيضًا هجر أبا ثور صاحب الشافعي لما تكلم بجواب المبتدعة في رد الصفات حين سئل عن الحديث إن الله خلق آدم على صورته، فغضب أحمد، فرجع عن ذلك أبو ثور واعتذر. وهكذا سيرة السلف أنه لا يستمع إلى مبتدع ولا يرد عليه بالجدل والنظر لأنه بدعة ولكن يخبر بالسنن فإن لم يرجع وإلا عرف ببدعته وهجر في الله. وهذا طريق لا يسلكه في زمانك هذا إلا من عرف سيرة المتقدمين وكان من المتقين.
* * *
هذا ما لخصته من كلام أبي طالب، وأبو طالب هذا أحد أئمة المالكية ترجمه الذهبي في العبر فقال: هو محمد بن علي بن عطية الحارثي العجمي، ثم المكي صاحب قوت القلوب وله مصنفات، وكان من أهل الجبل، وسكن مكة فنسب إليها وتزهد وسلك، ولقي الصوفي، وصنف ووعظ، مات سنة ست وثمانين وثلاثمائة.