قال في كتابه المسمى صريح السنة: الحمد لله مفلح الحق وناصره، ومدحض الباطل وما حقه، الذي اختار الإسلام لنفسه دينًا فأمر به وحاطه وتوكل بحفظه، وضمن إظهارها على الدين كله، ولو كره المشركون ثم اصطفى من خلقه رسلًا؛ ابتعثهم بالدعاء إليه، وأمرهم بالقيام به، والصبر على ما نابهم فيه من جهلة خلقه، وامتحنهم من المحن بصنوف وابتلاهم من البلاء بضروب، تكريمًا لهم غير تدليل وتشريف غير تخسير، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، فكان أرفعهم عنده درجة أحدهم إمضاء لأمره مع شدة المحنة، وأقربهم إليه زلفى أحسنهم نفادًا لما أرسله به مع عظم البلية. يقول الله عز وجل في محكم كتابه لنبيه- صلى الله عليه وسلم- {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} وقال له- صلى الله عليه وسلم- ولأتباعه رضوان الله عليهم {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب} وقال {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها، وكان الله بما تعملون بصيرا. إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلى المؤمنون، وزلزلوا زلزالًا شديدا. وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلى غرورا}. وقال تعالى {ألم أحسن الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن الكاذبين}. فلم يخل جل ثناؤه أحدًا من مكرمي رسله ومقربي أوليائه من محنة في عاجله دون آجله ليستوجب بصبره عليها من ربه من