وأولاده الحسين والحسن وأحمد الى نحو أيّامنا هذه كانوا يتولّون بفارس الدواوين مع من ذكرته من أهل البيوتات «2» المتقدّم ذكرها ووصفها، (27) وقد انتحل قوم من الفرس ديانات ومذاهب خرجوا بها عن المذاهب المشهورة فدعوا اليها وانتصبوا لها ولولا أنّ إهمال ذكرهم وترك وصفهم ضرب من العصبيّة على الدين وباب من التحامل عليه لأضربت عنه ولكن ندكر المستفاض وما بمن يقرأ هذا الكتاب حاجة الى معرفته وضرورة الى علمه دون الاستقصاء لذلك إذ الأخبار قد أتت به واعتقد الناس فيهم القبيح ووقفوا منهم على التلبيس المذموم وتأليف الكتب بالقذف للإسلام والبراءة منه بعد تأليف شىء منها جلبوا به القلوب ودعوا اليه العامّة ومن لا رياضة له بالعلم من الخاصّة فى الظاهر وضادّوا ذلك فى الباطن، وممّن عرف من هؤلاء واشتهر وطار اسمه فى الآفاق وظهر الحسين بن منصور الحلّاج من أهل البيضاء وكان حلّاجا ينتحل النسك والتصوّف وما زال يرتقى طبقا على طبق حتّى انتهى به الحال الى أن زعم أنّ من هذّب فى الطاعة جسمه واشتغل بالأعمال الصالحة قلبه وصبر على مفارقة اللذّات وملك نفسه بمنعها عن الشهوات ارتقى الى مقام المقرّبين وشارك الملائكة الكرام الكاتبين. ثمّ. لا يتردّد فى درجة المصافاة حتّى يصفو عن البشريّة طبعه فإذا لم يبق فيه من البشريّة نصيب حلّ فيه روح الله الذي كان منه كعيسى بن مريم فيصير مطاعا لا يريد شيئا إلّا كان من جميع ما ينفذ «19» فيه أمر الله فإنّ جميع أفعاله حينئذ فعل الله وأمره أمره. وكان يتعاطى هذا ويدعو الى نفسه بتحقيق ذلك كلّه فيه حتّى احتمال جماعة من الوزراء وطبقات من حاشية السلطان وأمراء الأمصار وملوك العراق والجزيرة والجبال وما والاها وكان لا يمكنه الرجوع الى فارس ولا يطمع فى قبولهم إيّاه لخوفه على نفسه منهم لو ظفروا به وظهر لهم وأخذ فاعتقل وما زال فى دار السلطان ببغداذ الى أن خيف من قبله أن يستغوى كثيرا [84 ظ] من أهل دار الخلافة من الحجّاب