ابن المتوكّل وسمعت جماعة من أهل البصرة يقولون كان بها فى زمن الرشيد بن المهدىّ أربعة آلاف نهر يجبى له فى كلّ يوم من كلّ نهر مثقال ذهب ودرهم نقرة وقوصرة تمر وسمعت الشيخ وهب بن العبّاس وكان من جملة الوعّاظ المعروفين بالبصرة يحكى عن والده العبّاس أنّه قال كان على باب المحلّة التى يسكنها دكّان بقّال منفرد عن السوق وأنّ ذلك البقّال شكا الى العبّاس قلّة المعاش وذكر أنّه كان يشترى من دكّانه فى كلّ سنة عشرة مكاكىّ خردل دون باقى الحوائج وفى سنتى هذه قد بقى من مكّوكى «6» خردل بقيّة،] وللبصرة من استفاضة الذكر بالتجارة والمتاع والمجالب والجهاز الى سائر أقطار الأرض ما يستغنى بشهرته عن إعادة ذكر فيه، ولها من المدن عبّادان والأبلّة والمفتح والمذار فى مجارى مياه دجلة وهى مدن صغار متقاربة فى الكبر عامرة «10» ، والأبلّة أكبرها «11» وأفسحها رقعة [وهى أحد حدود البصرة من جهة نهرها] «12» والأبلّة من بينها عامرة وبها أسواق صالحة [ولها حدّ آخر من عمود دجلة مكان يتشعّب منها النهر المعروف بنهر الابلّة] «13» «14» وينتهى عمود دجلة الى البحر بعبّادان [بعد أن يضرب اليه نهر الابلّة] ، وفى أضعاف قراها آجام كثيرة وبطائح الماء تسير فيها السفن بالمرادى لقرب قعرها كأنّها كانت على قديم «15» الأيّام أرضا مسكونة ويشبه أن يكون لمّا بنيت البصرة وشقّت أنهارها وكثرت واستغلق بعضها على بعض فى مجاريها تراجعت المياه وغلبت «17» على ما سفل من أرضها فصارت بطائح وآجاما، وللبصرة كتاب يعرف بكتاب البصرة ألّفه عمر بن شبّة قبل كتاب الكوفة ومكّة يغنى عن ذكر شىء من أوصافها وهذه الكتب موجودة فى جميع الأماكن، وأمّا ارتفاعها وقتنا هذا من وجوه أموالها