كثيرة مفروشة بالأسرّة والمُتَّكآت والزرابيّ كأنها خباء الأمير، فلم نكد نتوسطها حتى وثب إلينا أهلوها وثبة رجل واحد يصيحون علينا صياحاً غريباً، فأدركت أنها مَكيدة مدبَّرة وأنهم يريدون اغتيالي، فانتضيت خنجري وقلت: والله لا يدنو مني أحد إلا قطعت رقبته، فأحجموا وعجبوا ورَعَبوا، وغضب صاحبي وظنني أمزح ومال عليّ يعاتبني عتاباً شديداً.
فقلت له: ويحك! أوَما تراهم قد أحاطوا بنا؟
قال: إنهم يرحبون بنا ويسلمون علينا.
فسكتُّ ودخلت. وعادوا إلى حركتهم يضحكون من هذا المزاح ويدورون حولنا بقباقيبهم العالية، ويجيئون ويذهبون وأنا لا أدري ما هم صانعون، حتى قادونا إلى دكّة من هذه الدِّكَك وجاؤوا ينزعون ثيابنا، فتحققت أنها المكيدة وأنهم سيسلبونني خنجري حتى يهون عليهم قتلي، فقد عجزوا أن يقاتلوني وبيدي الخنجر، فأبيت وهممت بالخروج، ولكن صاحبي ألحَّ عليّ وأقسم لي، فأجبت واستسلمت، وإنّ روحي لتزهق حزناً على أني ذللت هذا الذل حتى أسلمتهم سَلَبي يسلبونني وأنا حيّ، ولو كنت في البادية لأريتهم كيف يكون القتال.
حتى إذا تمّ أمر الله ولم يبقَ عليّ شيء قلت: أما من مسلم؟ أما من عربي؟ أتكشف العورات في هذا البلد فلا يغار أحد ولا يغضب إنسان؟
فهدّأ صاحبي من ثورتي وقال: أفتغتسل وأنت متّزر؟
قلت: فكيف أتكشف بعد هذه الشيبة، وتذهب عني في