لسان وشدة بيان، ولولا مكان النبرة البدوية من لسانه لحسبته قد انصرف الساعة من سوق عُكاظ، لبيان لهجته وقوة عارضته وكثرة ما يدور على لسانه من فصيح الكلام. وكان أبِيَّ النفس أشمَّ المعطس كريم الطباع، لكن فيه لوثة وجفاء من جفاء الأعراب. رافقَنا أياماً طويلة، فما شئنا خلة من خلال الخير إلا وجدناها فيه، فكان يواسينا إذا أُصبنا، ويؤثرنا إذا أضقْنا، ويدفع عنا إذا هوجمنا، ويفدينا إذا تألمنا، على شجاعة نادرة ونكتة حاضرة، وخفة روح وسرعة جواب؛ قلنا له مرة: إن «صْلَبَة» في عرب اليوم كباهلة في عرب الأمس، قبيلة لئيمة يأنف الكرام من الانتساب إليها، وأنت -فيما علمنا- سيّد كريم من سادة كرام وليس لك في هذه القبيلة نسب، فما لك تُدعى صْلَبي؟
فضحك وقال: صدقتم والله، ما أنا من صلبة ولا صلبة مني، وإني لكريم العم والخال، ولكن لهذا الاسم نكتة أنا مخبركم بها.
قلنا: هات.
قال: كان أبواي لا يعيش لهما ولد، فلما وُلدت خَشِيا عليّ الموت فسمّياني صلبي.
قلنا: أئن سمّياك «صلبي» عشت؟
قال: إن عزرائيل أكرم من أن يقبض روح صْلبي!
وسألناه مرة: هل أنت متزوج يا صْلَبي؟
قال: لقد كنت متزوجاً بِشَرّ امرأة تزوجها رجل، فما زلت