أطلال يريدون أن يطمسوا اليوم آثارها ويغطّوا عليها بقبّعة! ولكن ذلك لن يدوم؛ إن طريق الزمن لا يزال مسلوكاً.
ثم صمتت وعادت تجري كما كانت تجري، ولم تكترث!
وأنصت القمر وأطلّ ينظر، فلما رأى العام الراحل قال: لقد رأيت «ملايين» مثله، وقد مللت مرّ السنين وكر العصور، فما لي وله؟ وعاد يفيض نوره على الكون ولم يكترث!
وبقيت وحدي.
* * *
بقيت وحيداً، فنظرت في نفسي: لقد صحبت تسعاً وعشرين قافلة من قوافل الزمان، فهل اقتربت من آمالي؟ هل دنوت من الغاية التي أسعى إليها في سفري؟ ثم سألت نفسي: ما هي الغاية التي تسعين إليها؟ أتسيرين إلى غير ما نهاية؟ كلما مرّ عام تعلقتِ به فسرت معه، حتى يضيق بك عام من الأعوام فيقذف بك إلى وادي الموت؟ ألا تعلمين أين المسير؟
ولم تكن النفس ترقب مثل هذا السؤال فاضطربت اضطراباً شديداً، وكثرت فيها الآراء واشتدّ بين أعضائها الخلاف، ثم انشقّت انشقاقاً وانقسمت أحزاباً وانتثرت نفوساً.
قالت النفس الأولى: الغاية يا صاحبي واضحة؛ إننا نسعى لخدمة هذا الجسم الذي نحمله، نحيا لسدّ حاجاته، وإجابة رغباته، وإمتاعه بملذاته.
قالت الثانية: خسئت أيتها «النفس الفاجرة»! إننا لم نُسخَّرْ