ويل لهذا الإنسان! أتته آلاف الأنبياء والحكماء والمصلحين، وآلاف الآيات والنُّذُر، ولا يزال ممعناً في غوايته مقبلاً على شهواته. إن امرأة واحدة عارية تهدم في ساعة واحدة ما يبنيه الأستاذ المرشد المصلح الهادي في عشرين سنة. إن الصخر الأصم لَيلينُ ويتفجر منه الماء وقلب الإنسان لا يلين، وإن الجماد ليعي النُّذُرَ ويعتبر وهذا الإنسان لا يعي ولا يعتبر.
من فكر واعتبر بهذه البيوت وكم مَرَّ عليها من ساكنين؟ كم رأت مَن ذلَّ بعد عزّ وعَزَّ بعد ذل، ولم يبق من ذلك شيء! هنالك وراء الأموي كانت «الدار الخضراء»، منزل الأخلاف من بني أمية، وكانت أمنعَ من النجم وأبهى من الشمس، وكانت سُرّة الأرض، من جبال الصين إلى البيرنيه، فآضت اليومَ مصبغةً صغيرة حقيرة! وسترجع المصبغة قصراً، ثم يصير القصر مقبرة (?).