صور وخواطر (صفحة 264)

وقد يُحرَم جزاءَ إهماله من الطعام. وربما بلغ به الجهل أن يسأل الطباخ أن يزيد له في حصته، والطباخ لا يستطيع أن يزيد فيه أو أن ينقص منه وليس هو الذي قدره وقسمه. أو كالموظف الذي يبتغي الوسيلة إلى المحاسب الذي يوزع الرواتب (?) ليعطيه راتب الرئيس أو المعاون، يحسب أنه هو الذي يملك قسمتها وتوزيعها، وينسى أن المِلاك (?) قد حدد لكل موظف درجته براتبه، فلا يملك واحد منهم -مهما كان قوياً ومهما زاحم واحتال- أن يأخذ راتب غيره، ولا يفوت أحداً راتبُه ولو كان ضعيفاً، ولو كان مريضاً في بيته.

وكذلك الأرزاق: قسم الله لكل امرئ رزقه وحدد له في الحياة عمله، ووكل من يوصل إليه هذا الرزق، فما كان له أتاه على ضعفه، وما كان لغيره لم ينَلْه بقوّته. وربما حسب الرجل أن كل ما يدخل يده فهو رزقه، فيَمُنّ على من أعطاه أو يَضِنّ على من سأله، مع أن فيه ما هو رزق غيره، رزق ولده وأهله وخادمه وتابعه، وما هو في الحقيقة إلا موزِّع، كمحاسب المصرف: تحت يده آلاف الآلاف ولكنها ليست له، ما له منها إلا راتبه، وليس له أن يمنّ ولا أن يضنّ، وكمعتمد الدائرة: يقبض رواتب موظفيها من الصندوق ليوصلها إليهم.

وليس معنى ذلك أنك تقعد لا تصنع شيئاً وتنتظر أن ينزل عليك رزقك من السماء، فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة (كما يقول عمر)، ولكن الله يرزق الناسَ بعضَهم من بعض. وعليك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015