طعمه أو صَعُبَ هضمه. وصاحب كالدواء، مُرٌّ كريه ولكنْ لا بدَّ منه أحياناً، وصاحب كالصَّهباء، تلذّ شاربها ولكنها تودي بصحته وشرفه، وصاحب كالبلاء.
أما الذي هو كالهواء فهو الذي يفيدك في دينك وينفعك في دنياك، وتَلَذّك عِشرتُه وتمتعك صحبته. وأما الذي هو كالغذاء فهو الذي يفيدك في الدنيا والدين، لكنه يزعجك أحياناً بغلظته وثقل دمه وجفاء طبعه. وأما الذي هو كالدواء فهو الذي تضطرك الحاجة إليه وينالك النفع منه، ولا يرضيك دينه ولا تسلّيك عشرته. وأما الذي هو كالصهباء فهو الذي يبلّغك لَذّتك ويُنيلك رغبتك، ولكن يفسد خلقك ويهلك آخرتك. وأما الذي هو كالبلاء فهو الذي لا ينفعك في دنيا ولا دين، ولا يمتعك بعِشرة ولا حديث، ولكن لا بدّ لك من صحبته.
* * *
وعليك أن تجعل الدين مقياساً ورضا الله ميزاناً، فمَن كان يفيدك في دينك فاستمسك به، إلا أن يكون ممن لا تقدر على عشرته. ومن كان يضرُّك فاطَّرِحْه واهجره، إلا أن تكون مضطراً إلى صحبته، فتكون هذه الصحبة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، بشرط ألاّ تجاوز في هذه الصحبة حدَّ الضرورة. وأما الذي لا يضرّك في دينك ولا ينفعك في دنياك، ولكنه ظريف ممتع، اقتصرت منه على الاستمتاع بظَرْفه، على ألاّ تمنعك هذه الصحبة من واجب ولا تمشي بك إلى عبث أو إثم.
وما كان وراء ذلك فهو الذي قيل في مثله: