ولا معقولاً أن يحس الفتى بهذا كله في سن خمسَ عشرةَ أو ستَّ عشرة سنة، ثم يَضطره أسلوبُ التعليم إلى البقاء في المدرسة إلى سن عشرين أو خمس وعشرين.
فماذا يصنع في هذه السنوات وهي أشد سنين العمر اضطرامَ شهوة واضطرابَ جسد، وهياجاً وغلياناً؟ ماذا يصنع؟ هذه هي المشكلة!
أمّا سنّة الله وطبيعة النفس فتقول له: تزوج. وأما أوضاع المجتمع وأساليب التعليم فتقول له: اختَرْ إحدى ثلاثٍ كلُّها شر، ولكن إياك أن تفكر في الرابعة التي هي وحدها الخير، وهي الزواج! إما أن تنطوي على نفسك، على أوهام غريزتك وأحلام شهوتك، تدأب على التفكير فيها وتغذّيها بالروايات الداعرة والأفلام الفاجرة والصور العاهرة، حتى تملأ وحدَها نفسَك وتستأثر بسمعك وبصرك، فلا ترى حيثما نظرت إلا صور الغيد الفواتن، تراهنّ في كتاب الجغرافيا إن فتحته، وفي طلعة البدر إن لمحته، وفي حمرة الشفق وفي سواد الليل، وفي أحلام اليقظة وفي رؤى المنام.
أريدُ لأنسى ذِكرَها فكأنما ... تَمَثّلُ لي لَيلى بكل سَبيلِ
ثم لا تنتهي بك الحال إلاّ إلى الهَوَس أو الجنون أو انهيار الأعصاب.
وإما أن تعمد إلى ما يسمونه اليوم «الاستمناء» (وقد كان يسمّى قديماً غير هذا)، وقد تكلم في حكمه الفقهاء وقال فيه الشعراء، وكان له في كتب الآداب باب لا أحب أن أدل عليه أو