وحقيقة الزمان، بل يبتغون المُتَع الرخيصة واللّذائذ الواطية في هذه المراقص الخليعة الغارقة في الخمر والعهر. ويمّمت شطر البحر، أمشي في الطرق المظلمة المنعزلة الخالية إلا من أعقاب السابلة ممن هو حليف البؤس أو الرذيلة، لعلّي حين فقدت الأنس بالناس أجد الأنس بالطبيعة ... وخلا الجو لفكري فانطلق.
قالت النفس: إن العام يموت، أفلا نودّعه بحسرة أو نسكب على جدثه عَبْرة؟
فلم يعرف العقل ما هو الموت ولم يصدق بوجوده. قال العقل: ما هو الموت؟ إنْ كان انتقالاً من حال إلى حال فليس موتاً، وإن كان الموت عَدَماً فإن العدم ليس له وجود أبداً.
قلت: ولكن أبي قد مات.
قال: لا، إنه لم يمت؛ إنك تذكره ويعيش حياً في ذاكرتك.
قلت: إن العام يموت الآن!
قال العقل: إن العام 365 يوماً وبعضٌ من اليوم هو خمس ساعات، و48 دقيقة وبعضٌ منها هو 51 ثانية، وبعض الثانية، فلنفرض هذا البعض 20 ثالثة، وبعض الثالثة، ولنفرض أنه 30 رابعة، وبعض الرابعة، فلنفرض هذا البعضَ 25 خامسة (?)