المخادع، يُخالّك ليخاتلك، ويسقيك من قوله العسل وفيه من قبح مقصده الحنظل.
* * *
ومررت على فئات الحيوانات على اختلاف أشكالها وألوانها ومطاعمها ومشاربها ومن كل سائر أو سابح أو طائر: مما يحارب بمخلبه ونابه كالشجاع الأبيّ، وما يدافع بسُمّه كالنمّام المفسد، وما يقاتل بثقل جسمه كثِقال الروح من الناس؛ والقنفذِ وسلاحُه شَوكُه، كسليط اللسان بذيء المنطق؛ والسلحفاةِ وسلاحُها درعُها، كالمنطوي على نفسه المعتصم بصمته؛ والطاووس، وهو كالمرأة، سلاحه جماله وحسن منظره؛ والذي يعيش في الماء نظيفاً مطهّراً كالسمك؛ والذي يغتسل في اليوم عشر مرات كالدب؛ والذي لا يطيب له العيش إلا في الأوساخ والقاذورات كالخنزير، يلغ فيها كما يلغ المغتاب في أعراض الناس وينغمس انغماس الفاسق في حمأة الفجور؛ وسبع البحر، وهو أعلاها صوتاً وأضخمها زئيراً وأقلّها غناء وأضعفها قوة، كالجبان الفَخور والجاهل المدّعي؛ وما ينحطّ على فريسته من عَلٍ كالنسر، وما يأخذها قوة واقتداراً في وضح النهار كالأسد، وما يسلك إليها المسالك المظلمة ويتسلل صامتاً خلال الحجارة وفي أصول الجدران كالحيّات؛ وعلى الغزلان والعصافير، وهي أبهى الحيوان، فلا يقف عليها أحدٌ لكثرتها ويقفون على حيوان قبيح لأنه نادر، لأن قيمة الشيء بنُدرته لا بمنفعته، ولولا ذلك لما كان الهواء أرخص شيء والألماس أغلاه!
حتى مررتُ على طائفة من الحمير محشورة في زريبة،